يمكنك التبرع باستخدام (أبل باي) باستخدام متصفح سفاري
الرياض - حي المروج
0554200750
ما هو سبب نزول سورة قريش؟
وما هي قصة إيلاف قريش؟
و لماذا نُزلت هذه السورة بعد سورة الفيل مباشرة؟
كل هذه التساؤلات وأكثر نجيب عليها في تفسير سورة قريش كاملةً.
هنا نوضح لكم شرح معانيها واسباب نزولها، وأبرز الدروس والعبر التي تحملها.
﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴾
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ:
الإيلاف يأتي بمعنى:
الاجتماع والتآلف: أي اجتماع قلوبهم وانتظام شملهم.
العادة المألوفة أو اللزوم: أي اعتيادهم ولزومهم.
التهيئة والتجهيز: أي تهيئة أسباب العيش لهم.
اللام في "لإيلاف" تُحتمل وجوهًا ثلاثة:
التعلق بسورة الفيل (لما قبلها): كأن التقدير: فعلنا بأصحاب الفيل ما فعلنا لأجل إيلاف قريش، ليظلوا آمنين.
التعلق بما بعدها: وهو الأرجح في التفسير، وتقديره: لأجل إيلافهم ورحلتهم، فليعبدوا رب هذا البيت (اللام للتعليل).
لام التعجب: أي: تعجب لما ألفته قريش من النعم مع إصرارهم على عبادة الأوثان.
قُرَيْشٍ: هي قبيلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهم ولد النضر بن كنانة. سموا بذلك إما للـ "تَقَرُّش" (التكسب والجمع) لأنهم كانوا تجارًا يجمعون المال، أو للـ "تَجَمُّع" بعد أن جمعهم جدهم قصي حول الكعبة.
إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ: تكرار "إيلافهم" تأكيد على النعمة.
المراد بالرحلتين:
رحلة الشتاء: إلى اليمن (لأنها أدفأ).
رحلة الصيف: إلى الشام (لأنها أبرد).
كانت هاتان الرحلتان هما مصدر رزقهم الأساسي، حيث كانوا يسافرون آمنين بفضل مكانة البيت الحرام وهيبة قريش في نفوس العرب، بينما كان غيرهم يُتَخَطَّفُ ويُنهب.
﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴾
هذه الآية هي نتيجة الامتنان السابق (اللام للتعليل)، أي: ما دامت هذه النعم قد تحققت لهم، فوجب عليهم عبادة رب هذا البيت وحده.
فَلْيَعْبُدُوا: أمر بـ توحيد الألوهية، وهي غاية خلق الجن والإنس، والعبادة هنا هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ: هو الله سبحانه وتعالى، وذُكر البيت (الكعبة) تشريفًا له ولأهله، وتذكيرًا لهم بمكانة البيت الذي يهابونه، وأن رب هذا البيت أولى بالمهابة والعبادة.
هذه الآية في تفسير سورة قريش تُفصل وتُفسر الأسباب المباشرة التي تستوجب العبادة والشكر، وهي نعمتان عظيمتان:
أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ: وذلك بتيسير سبل التجارة في الرحلتين، وجلب الثمرات والأرزاق إلى بلدتهم (مكة) التي لا زرع فيها ولا ماء.
وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ: وذلك بحفظ البيت من أصحاب الفيل، وجعل الحرم مكانًا آمنًا يُهابُ فيه ساكنه، فيسافرون ويقيمون آمنين في حين يتعرض من حولهم للنهب والاعتداء.
على الرغم من أن سورة قريش لم يرد فيها سبب نزول محدد بوقعة أو حادثة معينة
إلا أن الأكثر ذِكرًا في كتب التفسير أن سبب نزولها هو الارتباط الوثيق والمباشر بسورة الفيل التي سبقتها
حيث ذكّر الله قريشًا في سورة الفيل بنعمته عليهم في حفظ بيته الحرام وإهلاك عدوهم أبرهة وجيشه.
وهذا الحفظ هو أساس عزهم وأمنهم.
بعد ذلك، أمّن الله قريش من الجوع والخوف، وسهّل لهم وسائل العيش والتجارة في رحلتي الشتاء والصيف إلى اليمن والشام.
لذلك جاء تفسير سورة قريش ليذكرهم بنعم الله عليهم، وحثّهم على شكر هذه النعم بعبادة الله وحده، والابتعاد عن عبادة الأصنام والأوثان.
حيث كانت قريش قد ألِفَت هذه النعم (الأمن والرزق) واعتادتها، فبدأت تكفر بها وتنسبها إلى غير الله، وتصر على عبادة الأصنام والأوثان.
فجاءت هذه السورة لتؤكد على تذكير قريش بأعظم النعم التي لا يستقيم العيش بدونها وهما الأمن والرزق، وتأمرهم بالرد على هذه النعم بعبادة الله وحده، بدلاً من جحدها وكفرها.
السورة تُذَكر قريشًا بفضل الله عليهم، وتؤكد أن مكانتهم وعيشهم إنما هو منة إلهية، كحفظ الكعبة، تيسير الرحلات، الأمن، والرزق.
المقصد الأساسي للسورة هو تحويل هذا الامتنان إلى فعل عبادي، وهو الأمر بعبادة الله وحده، الذي تفضَّل بهذه النعم العظيمة، فالشكر الحقيقي يكون بالتوحيد لا بعبادة الأصنام.
يوضح تفسير سورة قريش قيمة الأمن كنعمة كبرى لا تقل أهمية عن نعمة الرزق، فبالأمن يتمكن الناس من العيش والتجارة والعبادة.
تتضمن السورة تحذيرًا ضمنيًا من الكفر بنعم الله (الجحود والنكران)، الذي قد يؤدي إلى زوال النعمتين كما حدث لغيرهم، قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].
ندرك في جمعية تعلّم لتعليم القرآن الكريم وعلومه، أهمية تفسير سورة قريش وما تحمله هذه السورة المباركة من دروس وعبر، لذلك خصصنا لها برامج مميزة ضمن حلقاتنا القرآنية ومشروع وقف النور القرآني لتقديم شروحات متكاملة تشمل تفسير هذه السورة وسائر سور القرآن الكريم بطريقة مبسطة وعملية، لتوصيل المعاني وفهم المقاصد.
بالإضافة إلى:
تعليم التلاوة الصحيحة مع ضبط أحكام التجويد.
تعليم الحفظ المنهجي للقرآن الكريم، مع متابعة دقيقة لضمان استيعاب الطلاب لكل آية وما تحتويه من معاني.
إبراز أهمية علم التفسير كونه أساس فهم مراد الله من آياته الكريمة، وتقديمه بأسلوب مُيسر يربط بين النص القرآني وحياة المسلم المعاصرة.
تعزيز قدرة الطلاب على تدبر القرآن الكريم وتطبيق تعاليمه في حياتهم اليومية، وتحفيزهم على شكر نعم الله والعمل بها.
توفير بيئة تعليمية محفزة تجمع بين التعليم التقليدي والتقنيات الحديثة، مما يتيح لكل طالب أن يستفيد من القرآن بطريقة ممتعة وفعّالة.
من خلال هذه الجهود، نسعى في تعلم إلى بناء جيل واعٍ للمعاني القرآنية، قادر على شكر نعم الله، وتطبيق قيم التوحيد، والعيش مستنيرًا بهدي كتاب الله في كل جوانب حياته.
انطلاقًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ»، ندعوكم في جمعية تعلّم لتكونوا شركاء في أجر تعليم وتفسير كلام الله.
ساهموا معنا في كفالة حلقة قرآنية وامنحوا طلابنا فرصة تعلم التلاوة الصحيحة، وضبط أحكام التجويد، وفهم تفسير سورة قريش وباقي سور القرآن الكريم.
وكونوا سببًا في بناء جيل مُحب للقرآن، مستنير بهدي الله في حياته اليومية.
واحصلوا على أجر كل حرف يُتلى، وكل معنى يُفهم، وكل قيمة تُطبق، واجعلوا هذا الخير شاهدًا لكم يوم القيامة.
